بري متوجس من خروج الاوضاع عن السيطرة: إذا اعتذر الحريري انهار البلد

السفير نيوز_لبنان 🇱🇧
كتبت سابين عويس في النهار مقالا جاء فيه :
في يده، يمسك الدستور، وفي عقله المفعم بحنكة ودهاء سياسيين أصبحا نادريْن هذه الايام، يحاول رئيس مجلس النواب نبيه بري ان يتجاوز المناورات السياسية التي تستهدف مبادرته، سعياً الى اسقاطها، ليس لشيء إلا لإدراكه أن الأهداف الحقيقية وراء تلك المناورات ليست المبادرة في حد ذاتها، بل الرئيس المكلف سعد الحريري، والحكومة الغارقة في مخاض ولادة عسير.
السقوف العالية التي رفعها رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل يوم الأحد، مستهدفاً المبادرة ومستنجداً بالأمين العام لـ”حزب الله” للحفاظ على “الوجود المسيحي”، لم تغيّر في تلك القراءة، بل زادت تلك السقوف بري اقتناعاً بما هو مقتنع به أصلاً بأن باسيل لا يريد الحريري ولا يريد حكومة.
قد يكون المعطى الوحيد الذي استجد لدى بري هو ما سمعه من ممثل المفوضية الأوروبية قبل ايام، والذي تقاطع مع هواجس بري حيال خطورة الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية، والحاجة الملحّة الى حكومة جديدة قادرة على الذهاب الى برنامج مع صندوق النقد الدولي لإخراج لبنان من الانهيار.
بري المتوجس من الخطر الامني الذي يتهدد البلاد اذا استمرت حال التفلت الراهنة، مقتنع بأنها لا تحتمل اكثر من ثلاثة الى أربعة اشهر في حد أقصى قبل ان تخرج الامور كلياً عن السيطرة.
لا تخفي عينا بري عتباً قديماً على الحريري، خصوصاً وهو يستعيد بالذاكرة بعض المحطات التي قدم فيها للرجل “لبن العصفور”، ومع ذلك تركه.
يستطرد متسائلاً: مَن يمثل السنّة اليوم؟ هذا واقع على جميع القوى الاعتراف به.
مسألة توزيع الحكومة على ثلاث ثمانيات لها عند صاحب المبادرة حكاية اخرى، هي ربما تيمّناً بتلة 888 حيث كان مركز الجنرال عون في سوق الغرب!
الفريق الوحيد الذي سيحظى بـ 8 وزراء هو فريق العهد. فلا الشيعة لديهم اكثر من 5 وزراء ولا السنّة كذلك. حتى الحريري اذا حصل على الوزراء السنّة مع وزيريْن مسيحيين يصبح لديه 7 وزراء وليس 8. وحده فريق العهد سيكون لديه 6 وزراء مسيحيين وواحد طاشناق وواحد درزي، ويصر على 2 بعد ليصبح العدد 10!
قدّمتُ للحريري 5 اسماء رفضها، فسلمني اسميْن اعترضت على أحدهما ووافق على الآخر، وهو يوسف الخليل ابن اخ النائب السابق الراحل علي الخليل ابن صور الذي لم يصوّت لي يوماً ولكنه لم يقف ضدي يوماً.
مَن يسمّي هو الرئيس المكلف، ومَن يرفض أو يقبل هو رئيس الجمهورية. ولو صدقت النية بالرغبة في تسهيل التأليف لكان الحريري اضطر الى تسمية كل الاسماء حتى يقبل الرئيس.
يرفض بري الاستسلام او التراجع عن مبادرته. ولا يعير كلام باسيل اهمية، مجدداً التأكيد انه لن يتخلى او ييأس عن محاولة إيجاد حل. اما اذا قرّر الحريري الاعتذار، وهذا قرار كبير وخطير في رأيه، فهو مقتنع بأن الحريري لن يلجأ الى قرار كهذا من دون التنسيق معه.
لا يزال بري يرى أفقاً لمبادرته. وهي غير خاضعة لشروط باسيل او سقوفه، وكلام الاخير لا يعني أبداً انه أقفل الباب أمامها. فهو وافق على أعمدة “الطابق الاول”، اي توزيع الحقائب مذهبياً وتمسّكه بوزارة الطاقة. بقيت تسمية الوزيرين المسيحيين.
لجوء باسيل الى السيد حسن نصرالله لا يسحب المبادرة من يد بري، علماً ان السيد كان اقترح تكليفه من دون ان يراجعه.
يُقسم بري ان المبادرة لاقت مباركة داخلية من جميع القوى باستثناء تيار العهد. حتى الخارج ولا سيما دول الغرب وأخيراً ممثل المفوضية الأوروبية. وحتى ايضاً الدول العربية بما فيها تلك المعارضة التي التزمت عدم التدخل.
عن موقف “حزب الله” من كلام باسيل، يؤكد بري انه لم يتبلغ شيئاً بعد، لكنه مؤمن بأن المحرّكات ستبقى “شغّالة” لأن البلد لا يحتمل تضييع الوقت.
ماذا عن خيار الذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة؟ لا يرى بري جدوى منها، لأن تعديل الموعد والتحضير سيحتاج الى بضعة أشهر لا يملك البلد ترف تضييعها لأنه سينهار قبل ذلك. لذلك يتمسك بإبقاء الانتخابات في موعدها.
اذا اعتذر يذهب البلد الى الانهيار الكامل.
على الفريق المتعنّت بموقفه أن يتوقّف عن التعنّت، وعلى رئيس الجمهورية والرئيس المكلف أن يقرآ في كتاب المحبة. والا فإن البلد ذاهب نحو الانهيار.